تقبل الذات ... ما أجمل أن تكون كما أنت

  • الرئيسية
  • تقبل الذات ... ما أجمل أن تكون كما أنت

تقبل الذات ... ما أجمل أن تكون كما أنت

تقبل الذات ... ما أجمل أن تكون كما أنت

نعيش في عالمٍ مزدحمٍ بالوجوه، لكنه مليءٌ بالأقنعة أكثر مما نظن. نضحك أحيانًا ونحن نكتم وجعنا، ونتحدث بلطفٍ بينما بداخلنا ضجيجٌ من التعب، ونوافق على ما لا نريده فقط لأننا نخشى أن نُرفض، أو أن نصبح وحدنا في زاوية لا يرانا فيها أحد. منذ الصغر تعلّمنا أن الحب لا يُمنح لمن يكون على طبيعته، بل لمن يُجيد التمثيل، لمن يُخفي حقيقته حتى يبدو كما يريد الناس لا كما هو فعلًا.

 

يقول عالم النفس كارل يونغ إن لكل إنسان "قناعًا" يواجه به العالم، وهو الصورة التي نظهر بها للناس حتى نحظى بقبولهم، أو حتى نبدو أقوى مما نحن عليه. نرتدي هذا القناع في العمل، ومع الأصدقاء، وحتى داخل بيوتنا، وشيئًا فشيئًا ننسى مَن نكون خلفه، ونغترب عن ذواتنا الحقيقية حتى نصبح كالغرباء عن أنفسنا.

 

كم مرة ضحكت لأن الموقف "يتطلّب" الضحك، بينما روحك كانت تنزف؟

كم مرة خبأت دموعك لأن من حولك ينتظرون منك القوة؟

كم مرة قلت "أنا بخير" وأنت في داخلك تتمنى أن يسألك أحد بصدق: "هل أنت حقًا بخير؟"

 

نرتدي القناع لنحتمي من الرفض، لنبدو متماسكين، لنعيش كما يُريد الآخرون لا كما نُريد نحن. لكن الحقيقة أن هذا القناع، مهما كان لامعًا، يختنقنا ببطء. نُخفي أجمل ما فينا: عفويتنا، ضعفنا، ضحكتنا الصادقة، دمعتنا الخفيفة. ومع مرور الزمن، ندفع الثمن غاليًا... نخسر أنفسنا شيئًا فشيئًا في سبيل أن يحبنا الآخرون، بينما كل ما كنا نحتاجه هو أن نحب نحن أنفسنا أولًا.

 

تقبّل الذات لا يعني أن نستسلم لعيوبنا، بل أن نراها بصدق، دون قسوة أو إنكار. أن نعترف بما فينا من ضعف دون كره، وبما فينا من قوة دون غرور فالتقبّل هو البداية الحقيقية للتغيير، وليس الاستسلام له.

 

حين تبدأ في أن تكون على طبيعتك، سيتغيّر من حولك. قد يبتعد البعض لأنهم اعتادوا على صورتك المزيفة، وقد يقترب آخرون لأنهم رأوا فيك صدقًا افتقدوه في العالم. لا تخف من الخسارة، فكل من لا يحتمل حقيقتك لا يستحقك أصلًا.

 

حين تتصالح مع ذاتك، ستشعر بخفةٍ لم تعرفها من قبل. كأنك وضعت عن كاهلك عبء سنوات من المجاملة والتصنع. ستكتشف لذة البساطة في أن تقول "لا" حين لا تريد، و"نعم" حين تشعر بها بصدق. ستضحك من قلبك، وستبكي بارتياح، وستعيش كما أنت — دون محاولات لإقناع أحد أنك أفضل مما تبدو.

 

الحياة ليست سباقًا نحو الكمال، بل رحلة نحو الحقيقة. والكمال وهمٌ لا يُدرك، أما الحقيقة فهي أن تكون أنت، أن تخطئ وتتعلم، أن تسقط وتنهض، أن تتعب وتستريح، أن تُحب نفسك حتى في أسوأ أيامك.

 

تقبّل الذات شجاعة نادرة في عالمٍ يعشق المظاهر. أن تكون حقيقيًا وسط زيفٍ عام هو ثورة داخلية، هي إعلان حرية من قيود الرضا الزائف والبحث المستمر عن إعجاب الآخرين. وكلما أحببت نفسك أكثر، أحبك الناس بصدقٍ أكبر. وكلما سامحتها على ضعفها، ازداد قلبك صفاءً ونورًا.

 

لا تبحث عن الكمال، فالكمال مملّ، ولا عن القبول، فالقبول الحقيقي يبدأ من داخلك. ابحث عن ذاتك، عن صوتك، عن ملامحك التي غيّبتها الأقنعة، وامنح نفسك الحق أن تكون إنسانًا لا تمثالًا.

 

فالحياة قصيرة جدًا لأن نعيشها ونحن متخفّون خلف وجوهٍ ليست لنا.

كن أنت… كما أنت… ولأجلك أنت.

حين تفعل ذلك، ستجد أن العالم كله بدأ يتنفس بصدق معك.

تقبل الذات ... ما أجمل أن تكون كما أنت

تواصل معنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني او مشاركته مع اى جهة خارجية

Contact Us Contact Us on Whatsapp